الرؤية الشخصية

عندما بدأت العمل في شبابي، في أوائل الثمانينيات من القرن الماضي، كنت في أسفل الهرم الوظيفي في دائرة العمليات في ذاك الوقت وأتذكر عندما كنا خارجين من العمل في أحد الأيام توقفت إحدى سيارات البيك أب المارة لتوصيلنا إلى بوابة الخروج بسبب بعد المسافة وحرارة الجو. ركب زملائي بجانب السائق وجلست أنا بالخلف وكان الطريق غير مريح قليلا ولكن كنت أفكر أنه ليس هذا هو العمل الذي أريد أن اعمله لبقية حياتي لأني كنت أعتقد بان لدي إمكانيات وطموح أكبر وأفضل من العمل في وظيفة روتينية. علما بأنه في ذلك الوقت كان مرتبي أعلى من زملائي كلهم وكنت سبب الغيرة بعضهم. قررت أن اختار مهنتي المستقبلية التي تستحق أن اجتهد من أجلها ووقع اختياري على أن يكون المسمى الوظيفي لي في المستقبل هو مدير العمليات لنفس المصفاة التي أعمل بها. ثم أخذت أفكر ماذا يجب على أن اعمل حتى أصل إلى هذه الوظيفة وهي تعتبر قمة الهرم في الدائرة. 

بسبب قلة خبرتي وبساطة تفكيري في شبابي ضننت أن العمل الجاد لساعات طويلة سوف يوصلني في يوما ما إلى كرسي مدير العمليات. واستمريت في هذا التفكير حتى في يوم من الأيام رأيت أحد الشباب الكويتين يوقف سيارة الفارهة التي وفرتها له الشركة ويدخل موقع العمل. سألت أحد زملاء العمل القدامى كيف استطاع هذا الشاب الكويتي الوصول إلى هذا المنصب الذي كان لا يصل له إلا الأجانب والقليل من الكويتيين. فأجابني بكل بساطة ”أنه مهندس… ومتخرج من أحد الجامعات الأمريكية“. فعرفت وقتها أن الطريق السريع للوصول إلى المراكز العليا يمر من خلال العلم والتعلم.

ما هي الرؤية

الرؤية تعتبر بيانا بسيطا يوضح إلى أين يريد الشخص أو القائد الوصول إليه وما يريد أن يصبح عليه المجتمع الذي يتعايش معه في المستقبل. والرؤية هي القدرة على إغلاق عينيك وتخيل مستقبل لم يكن موجودًا بعد. إنها القدرة على رؤية ما وراء الفوضى التي قد تكون أمامك ، والتخلص منها ، وتنظيفها ورؤية مستقبل غير موجود بعد ولكن تأمل أن يكون أفضل مما هو عليه الآن.

يجب أن يكون لديك رؤية لنفسك. يجب أن يكون لديك رؤية لعائلتك أو أي شخص آخر تهتم لأمره. إذا كنت تعمل في شركة فيجب أن يكون لديك رؤية للمكان الذي ستصل إليه في المستقبل. تخيل موقع عملك المستقبلي والمسمى الوظيفي الذي تطمح للوصول إليه. تخيل المرتب الذي سوف تحصل عليه وما يمكنك تحقيقه بهذا المرتب. لا ينبغي أن تقتصر رؤيتك على الترقيات والمسميات الوظيفية فقط، بل يفضل أن تشمل كيف سوف تؤثر في العالم من حولك أو على الاقل المجتمع المحلي ، وما تريد تغييره ، وما تريده أنت، وما تريد معرفته.

الشغف والالتزام مطلوبين لتشكيل وتطبيق الرؤية الشخصية ولكن التغيير هو أحد سمات الحياة السعيدة. قد يكون الشخص ملتزمًا وشغوفًا بالأشياء التي يؤمن بها ويهتم بها. ولكن يجب تحقيق التوازن بين الشغف لإنجاز الرؤية وبين المرونة لتغييرها وتطويرها بعد النظر إلى المعلومات الجديدة والخبرات الجديدة والمعرفة الجديدة لتواكب متغيرات الحياة. فيجب أن يكون الشخص متحمسًا بلا عاطفة تربطه برؤية محددة كانت جميلة في حقبة زمنية ماضية.

خطوات كتابة الرؤية الشخصية

لكتابة رؤيتك الشخصية اتبع الخطوات البسيطة هذه:

  • حدد نقاط قوتك والتي تعتبر من المهارات المطلوبة في مجتمعك أو منظمتك
  • فكر في قيمك الشخصية التي تحدد تصرفاتك وقرارات.
  • قم بتقييم كيف يمكن لمهاراتك أن تحل مشاكل العالم من حولك أو على الأقل المجتمع الذي تعيش فيه
  • حدد الموقع المهنة والوظيفة التي تود الوصول لها
  • تفكر في النقاط السابقة ثم اكتب بيان رؤيتك الشخصية الذي يتكون من تقريبا ٣٠-٤٠ كلمة.

اترك رد